اكتشاف الذات المزيفة وتحويلها

ما هي الذات المزيفة؟

أين نرى الذات المزيفة في خريطة التصميم؟

خريطة تصميم - العناصر البيضاء أو غير المعرفة هي حيث نجد الذات المزيفة وتفكيرها وقراراتها، ولا تقتصر على المراكز، بل نجدها أيضا في القنوات والبوابات

حسب نظام هيومان ديزاين، الذات المزيفة هي كل ما “ليس أنت" أي أنها ليست تعريفك. والذات المزيفة هي وصف للحالة التي يختبرها الشخص عندما لا يعيش وفق طبيعة تصميمه، أو ذاته الحقيقية. وبصريا هي كل العناصر البيضاء في تصميمك، والتي لا تقتصر على المراكز البيضاء، ولكن تمتد لتشمل القنوات والبوابات (والعناصر الفرعية غير المرئية في التصميم). وتتضمن الذات المزيفة الأفكار والمعتقدات والآراء والتصرفات والسلوكيات والانفعالات وغيرها التي تبرمج الشخص منذ ولادته والتي تصبح هي "المرجع" الفكري لاتخاذ القرارات في حياته.

كيف تتكون الذات المزيفة؟

تنجذب تلك العناصر البيضاء في خريطة التصميم إلى البرمجة القادمة من المراكز الملونة عند الآخرين. فتلك الطاقة جذابة للغاية للفكر الذي يهتم بكل "ما ليس أنت". وإضافة إلى الأشخاص، تتأثر تلك العناصر بالعبور الكوني، أو تيار النيوترينو، الذي تبثه الشمس وغيرها من النجوم، ويتأثر بمروره بمختلف كواكب النظام الشمسي قبل وصوله إلى أرضنا، محملا بالبيانات. تستقبل تلك العناصر البيضاء البرمجة (سواء من الأشخاص أو العبور) وتضخم تأثيرها، وتنقله إلى مراكز التفكير (الرأس والآجنا) حيث يتم معالجتها كبيانات واردة. وتنشأ الذات المزيفة عندما يبدأ تفكير الشخص باعتبار تلك البيانات "حقائق" يتخذ قراراته بناء عليها.

الذات المزيفة تولد المقاومة الداخلية

يبدأ الشخص باختبار شعور قوي بالمقاومة الداخلية والخارجية في حياته نتيجة استمراره في اتخاذ قراراته باستخدام فكره (الذات المزيفة). فكل تلك الأفكار قادمة من الخارج تتعارض مع النبض الداخلي لسلطته الداخلية التي نجدها في جيناته. ومع الوقت يختبر الشخص تلك المقاومة في هيئة خلل نفسي وعضوي. وتتعمق المعضلة عندما يحاول الشخص إيجاد حلول فكرية أخرى لمشاكله.

ومع كل قرار فكري يتخذه الشخص، يبتعد أكثر عن ذاته الحقيقية، وينغمس أكثر في حياة الذات المزيفة، وتبدأ تبعات قراراته الفكرية بالظهور في حياته، والتي تتجلى على شكل إحباط ومرارة وغضب وخيبة.

الأمر يصبح كما لو كان يريد الخروج من حفرة الرمال المتحركة، كلما صارع أكثر كلما غرق أكثر.

الذات المزيفة والآخر

تتدخل الذات المزيفة باستمرار في علاقاتك مع الآخرين. فالذات المزيفة تنجذب للآخر الذي لديه ما تفتقر له - من منظور الذات المزيفة، وقراراتها لا تأخذ بالاعتبار ما هو صحيح لك أو حتى ما ينسجم مع حقيقتك. فالمركز غير المعرف يشتهي طاقة المركز المعرف عندما يعيش الشخص حالة الذات المزيفة. ويتحول هذا الانجذاب إلى تعلق، والذي يؤذي صاحبه فقط في أحسن الأحوال.

لدى سمير مركز إرادة غير معرف، وهو ينجذب دائما إلى "النساء قويات الإرادة". وعندما قابل ندى، أحس بالانجذاب فورا، وتولدت لديه الرغبة في إثبات أهليته كشريك مناسب لها. في البداية، شعر بطاقة لذيذة نتيجة تضخيم الإحساس بقوة الإرادة والإنجاز والعمل. ولكن مع الوقت بدأ يشعر بالتعب، فرغبته في إثبات ذاته دفعته إلى إغداقها بالهدايا والوعود. ثم تحول التعب إلى حنق تجاه ندى نتيجة شعوره أنها تقيمه باستمرار. ليس هذا فقط، لقد بدأ ينفجر غضبا عندما يشعر أنها تتحداه أو تحاول السيطرة عليه. عندما انتهت العلاقة دون أن يدرك سمير أن قوة الإرادة التي اختبرها رحلت مع ندى، وأن مركز الإرادة غير المعرف عنده كان يضخم إرادتها، وأن تفكيره كان يفسر تلك الإرادة باعتباره تعالٍ وتحدٍّ وتسلط. ورغم صعوبة التجربة، سوف يكرر سمير الخطأ ذاته: إذ يقول لنفسه أنه سيجد شريكة حياة قوية ولكنها لا تتحداه. وهو يعد نفسه أنه سيثبت ذاته، وسيكون "الألفا والسيغما" في العلاقة التالية.

من جهتها، لم تكن ندى مستغربة، فسمير لم يكن أول رجل اتهمها أنها تسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من رجولته لمجرد إبدائها ملاحظة هنا أو هناك أو حديث عابر عن عملها أو عائلتها. ولكنها انجذبت إلى حسه المرهف ومشاعره الجياشة، ولم تكن تريده أن يثبت لها أي شيء، بل لم تقل له أنه يزعجها بوعوده الدائمة التي لم يحقق منها شيئا، وأكثر من ذلك يزعجها فتوره وبروده وحساسيته الزائدة.

الذات المزيفة واستراتيجيتها في المراكز

The Not Self Strategies in Open Centers in Human Design Chart - In Arabic

لكل مركز غير معرف استراتيجية ذات مزيفة. تعرف إلى المركز واستراتيجيته.

لكل مركز غير معرف استراتيجية خاصة بالذات المزيفة، ومن خلال تلك الاستراتيجية يتخذ الشخص قراراته الفكرية بخصوص مختلف شؤون حياته.
  • استراتيجية مركز الرأس: الانشغال بالتفكير بما لا يهم
  • استراتيجية مركز الآجنا: التظاهر بالتأكد
  • استراتيجية مركز الحنجرة: محاولة لفت الانتباه
  • استراتيجية مركز الجذب: محاولة اكتشاف الوجهة والحب والذات
  • استراتيجية مركز الإرادة: محاولة إثبات الذات، التعصب
  • استراتيجية مركز طاقة الحياة: عدم معرفة الكفاية ومتى كفاية
  • استراتيجية مركز الضفيرة الشمسية: تجنب المواجهة والحقيقة
  • استراتيجية مركز المناعة: التمسك بما هو ضار (والتخلي عما هو نافع)
  • استراتيجية مركز الجذر: الاستعجال للخلاص والتحرر

انظر إلى خريطة الطاقة الخاصة بك، وسجل أسماء المراكز البيضاء فيها. هذه هي المراكز التي تدفعك لاتخاذ قراراتك الفكرية

**تبدأ بملاحظة تأثير البرمجة القادمة من هذه الاستراتيجيات من خلال عدة خطوات: ** أولا: تجربة استخدام استراتيجيتك وسلطتك الداخلية. ثانيا: ابدأ بالتعرف على استراتيجيات الذات المزيفة لمراكزك غير المعرفة. تأمل قليلا في تلك العبارات. هل تميزها؟ هل تستخدمها؟ هل تعبر عنها بكلمات أخرى؟ ابدأ بمراقبة ماذا تقول لنفسك. ثالثا: في كل مرة تحس أنك محاصر بالأفكار التي تدفعك لاتخاذ قرار مبني على إحدى استراتيجيات الذات المزيفة، اسأل نفسك:

  • مركز الإيجو (القلب): هل أريد أن أثبت نفسي لهم؟
  • مركز المشاعر: هل أحاول تجنّب الحقيقة و/أو المواجهة بقيامي بذلك الأمر؟
  • مركز المناعة: هل أتمسك بهذا الشيء/ الشخص رغم أنه يضر بي؟ هل أتخلص منه رغم أنه نافع لي؟
  • مركز الجذب: هل قراري مدفوع برغبة إيجاد الحب/ الوُجهة/ المكان؟
  • مركز طاقة الحياة: هل هذا يكفي؟ هل انتبهت إلى أني تجاوزت الحد؟ (في العمل، في الراحة، في الأكل)
  • مركز الجذر: هل أنا في عجلة من أمري دائما؟ هل أحاول التخلّص من الضغط بالمبالغة في الإنجاز؟
  • مركز الرأس: هل ما زلت أفكر بأمور لا تخصّني؟ هل ما زلت أفكّر في أمور تخص شخصا آخر؟
  • مركز الآجنا: هل أحاول أن أثبت وجهة نظري/ رأيي/ أفكاري؟ هل أحاول أن أثبت أن إجابتي هي الصحّ؟
  • مركز الحنجرة: هل أحاول لفت الانتباه عندما أبادر بالحديث أو العمل؟

تحول الذات المزيفة

عندما تبدأ بملاحظة تفكير الذات المزيفة وسلوكها وقراراتها في مجالات حياتك المختلفة، وبتطبيق استراتيجيتك وسلطتك الداخلية، تعيد ضبط ذبذبة ذلك المركز، وبالتالي تستعيد ذبذبتك الخاصة. وشيئا فشيئا تتنامى القدرة الحقيقية الكامنة في المركز: وهي الحكمة والبصيرة فيما يتعلق بوظيفة المركز. إلى جانب ذلك، يتنامى وعي الشخص بذاته، وبردود أفعاله التي تتسبب بنتائج سلبية له.

وما يحدث هو أمر يشبه السحر، وهو التحول الخيميائي الذي "يحول المعدن الخسيس إلى نفيس" على حد قول قدامى الخيميائيين.

فالذات المزيفة ليست العدو، فهي ليست إلا أنماط تفكير وسلوك الآخرين أو تأثيرات عبور الكواكب في يوم ما. بمعنى، أن ذاتك المزيفة هي ذات حقيقية عند آخر، ومع الوقت تتحول إلى حكمة ومرونة وقبول للذات وللآخرين.

عندما يبدأ سمير في ملاحظة المرات التي يريد فيها أن يثبت ذاته، وعوضا عن ذلك، يستخدم سلطته الداخلية في اتخاذ القرار، ستتحول تلك الرغبة إلى تقدير للأشخاص القادرين على إثبات قيمتهم، ولن يفسر كل ملاحظة من الآخر على أنها انتقاد لاذع له، وستتحول كل تلك الطاقة المهدورة إلى عمل منتج وممتع. أما ندى فستدرك أن المشاعر الجياشة هي موجة وأن فتورها لا يعني فتور العلاقة مع الشريك، وأن عليها أن تتواصل بصدق أكبر عوضا عن إبداء ملاحظات بشكل غير مباشر.

  • الحكمة في مركز الإرادة: مقتنع بقيمته الذاتية، وقادر على العمل مع الآخر دون وعود

  • مركز المشاعر: التعاطف والتشاعر مع الآخر. لا يأخذ مشاعر الآخر شخصيا، ويواجهه عند الضرورة.

  • مركز المناعة: يأخذ وقته في التعامل مع الأمور براحة. يعتني بصحته وبجسمه. يواجه مخاوفه.

  • مركز الجذب: مرتاح مع غياب إحساس بالوجهة أو بالهوية أو بالحب. يستمتع بالتحرك في اتجاهات متعددة. يدرك أنه مرآة لهوية الآخر.

  • مركز الطاقة الحياة: مرتاح، ويعمل ما يحب. يعرف متى يغادر هالة الجنريتر التي تدفعه للعمل دون توقّف.

  • مركز الجذر: غير مستعجل في اتخاذ قراراته. يستخدم الضغط لمصلحته.

  • مركز الرأس: لا يقرر بناء على الضغط الذهني والتشويش. يستمتع باكتشاف الأفكار والإلهام من جميع الجهات.

  • مركز الآجنا: يتمتع بطرق التفكير المختلفة، لا تصلّب في التفكير. يميّز المفاهيم والأفكار القيّمة.

  • مركز الحنجرة: يتمتع بالهدوء والسكوت ولا يتصرّف إلا عندما يُطلب منه الإدلاء بدلوه. يميّز من يتكلّم بصدق.

يحتاج التحول إلى سبع سنوات

تعمل الاستراتيجية والسلطة الداخلية واستراتيجيات الوعي بالذات المزيفة على مساعدتك في ملاحظة أنماط تفكيرك وقراراتك الفكرية وسلوكك والنتائج التي تراها في حياتك. وهذا على المستوى السطحي فحسب. وعلى مستوى أعمق، تعمل هذه الاستراتيجيات على تخليصك من البرمجة على مستوى الخلية. فالذاكرة التي تولد أنماط الذات المزيفة توجد في السائل المكون للخلية، وواحدة تلو أخرى يولد الجسم خلايا تشبه تصميمك الحقيقي. وبعد مرور سبع سنوات من التجدد المستمر تجد أنك صرت شخصا جديدا، أكثر توازنا، وتفردا، شخصا ذي بصمة طاقية متمايزة، ومتناغمة مع الكون برمته.

الخلاصة

من الضروري أن لا ننسى أن الذات المزيفة ليست عدوا - بالضرورة- رغم ضررها على نزاهة الفرد وقدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة له. تشبه الذات المزيفة القناع الذي يحتاج الكثير من الطاقة للمحافظة عليه. ومع استخدام الاستراتيجية والسلطة الداخلية، واستراتيجيات تحويل الذات المزيفة، تتحرر هذه الطاقة الخلاقة، وتصبح وقودا يرفد الذات الحقيقية (التعريف)، يساعد الشخص في استعادة الإبداع، والتمتع بالنشاط والراحة، والحصول على الوفرة الصحيحة التي تنجذب لبصمته الطاقية وذبذبته الفريدة، وفي الوقت ذاته يكتسب الحكمة في علاقته مع نفسه ومع الآخرين.
Previous
Previous

وقت الصحوة والصعود

Next
Next

منظور هيومان ديزاين: استقبال عصر جديد 2027