إنسان المراكز التسعة وإهدار مرحلة الشباب

الصّبا مهدورٌ على الشباب
— جورج برنارد شو - كاتب إنجليزي
 

هل تأملت في العشرينات والثلاثينات من عمرك وتساءلت: ماذا فعلت بكل ذلك الوقت؟ سواء كنت في هذه المراحل العمرية الآن، أو أنها أصبحت وراءك، فأنت تشعر كما لو أنك تدور في حلقة مفرغة، تجرب كل شيء، ورغم ذلك يراوغك الوصول إلى "هناك" – مهما كان ذلك الـ "هناك".

أنت لست معطلا أو متأخرا أو واهمًا.

فرغم ما يقال عن جيلك، الأمر فقط يعود إلى كونك تنتمي إلى نوع بشري مرّ بتطور كبير، ولم يخبرك أحد عنه.

هذه الحقيقة: ليس بإمكانك - رغم أفضل محاولاتك ومحاولة والديك - أن تتجنب ذلك الإحساس. وليس هناك شيء تفعله باستثناء معرفة مصدر ذلك الشعور: أنت كائن تسعة مراكز.

طفرة عام 1781 غيّرت كل شيء

دعنا نبدأ من هنا: في عام 1781، حدث شيء دقيق لكنه عميق للبشرية. لقد تطورنا — من كائنات ذات سبعة مراكز (أو شاكرات)، حكمتها استراتيجية البقاء والتنافس عليه على مدى ألفيات، إلى كائنات ذات تسعة مراكز، مُصممة للوعي والتفرد.

هذا التغيير أدخل أسلوباً جديداً بالكامل للعيش. دورة حياة جديدة: بنية داخلية جديدة. هدف جديد.

لقد رافق تلك الطفرة تطورا في مجالات عديدة في الحياة، مثل حركات التحرر والديموقراطية، والتحول إلى الصناعة، ومن ثم إلى التكنولوجيا، وصولا إلى الذكاء الصناعي، ومعها تغيرت خارطة العالم. ولكن المجتمع لم يواكب هذا التغيير في فهمه لطبيعة حياة الفرد، وتابع العمل وفق قواعد الكائن ذي الشاكرات السبع، واستمر بفرضها على الجميع، وتقييم الأفراد بموجبها: احصل على درجات جيدة، اختر مسارًا، استقر مبكرًا، و"تقاعد براحة".

ولا شيء من هذا يناسب كيان صاحب التسعة مراكز، أنت!

ألم الوصول المبكر ووهمه

هل سبق وقيل لكم ما يلي:

"الناس في عمركم كانوا يقودوا جيوش وإمبراطوريات!" "اللي في عمركم صار عندهم أولاد وأحفاد!"

هذا صحيح! في الماضي كان هناك دافع للإنجاز ينتاب الكثيرين في وقت مبكر، وهو ما نسميه "الدافع الزحلي" نسبة إلى كوكب زحل، كوكب الانضباط والعقاب، والذي دفعت برمجته الأشخاص للنضج مبكرا والتعجل في تحقيق مختلف الأهداف، التي تستمر في تحديد الصيغة التي تفرض على اليافعين من والديهم، ومعلميهم، وأقرانهم:

  • احصل على شهادة (أو أكثر)
  • استقر وابدأ بتكوين عائلة
  • حافظ على مهنتك ومسيرتك المهنية

وربما حاولت التخلص من ضبابية العشرينات والثلاثينات بتجربة ما يلي:

  • تغيير مهنتك أو زواجك
  • إطلاق مشروع ما
  • صناعة المحتوى أو التأثير على وسائل التواصل

لقد ملأت كل الخانات. فلماذا لا تزال تشعر أن شيئاً ما مفقود وأنك لم تصل؟ أين إمبراطوريتك؟ أين نهايتك السعيدة؟

كل تلك الأمور جاءتنا من إرث إنسان الشاكرات السبع، الذي كان يصل إلى خريف حياته بحلول عمر الثلاثين، ولكن وبسبب الطفرة التي حصلت، أصبح الإنسان ينضح بعمر 40، ويزدهر بعمر 50، وليس 15. أيضا، تلك الأمور كانت مناسبة لمسار حياة خطّي، لا كمّي.

alt text

البلوغ الحقيقي يبدأ بعد الأربعين

حسب نظام (هيومان ديزاين)، الإنسان ذو التسعة مراكز هو كائن معقد جداً. إذ لم تعد الحياة الداخلية خطا عموديا يبدأ من شاكرا الجذر وينتهي بشاكرا التاج. ولم يعد الوعي يترافق مع البلوغ الجسماني. فالحياة الداخلية - أو كيان - إنسان المراكز التسعة أشبه ما تكون بنظام معقد من شبكة جذور وفروع منتشرة في مختلف الاتجاهات، حيث تتحرك الطاقة في كل مكان في الوقت ذاته، ويحتاج تطوير الوعي بها وقتا أطول من السابق. alt text

إنسان المراكز التسعة هو كائن "أورانوسي"، نسبة إلى كوكب "أورانوس" الذي اكتشف عام 1781، ويتمتع بمتوسط حياة أطول من سلفه، يصل إلى 84 عاما. قال "را أورو هو" ذلك بأفضل شكل:

"من سخرية التحول في عام 1781 أنه جعلنا – كنوع بشري – عديمي الفائدة أكثر في شبابنا مما كنا عليه بالفعل… إذ يتسم التصميم ذي التسعة مراكز بتعقيد أكبر بكثير من تصميم السبعة مراكز… والآن نحتاج إلى حد أدنى من 40 عاماً حتى نصل للنضج. ومع ذلك، لا نزال نحمل في داخلنا دافع زحل القديم الذي يُخبرنا أنه يجب أن نكون قد رتبنا حياتنا بحلول سن 21. هذا الدافع القديم - تأثير زحل علينا ما زال متجذرا فينا، ويسبب الألم حين لا نُحقق توقعاته. "

كيف تبدأ حياتك كإنسان مراكز تسعة؟

إذا كنت في مرحلة "لقد جربت كل شيء ولا زلت أشعر بالضياع" – ابدأ من هنا:

  • ابدأ بالتعاطف مع نفسك.

لم تكن مُفترضًا أن تعرف كل شيء في عمر 25 أو حتى 39. حرر نفسك من الشعور بالذنب نتيجة الإحساس بالتأخر أو عدم الوصول بعد. ليس ذنبك.

  • ارجع إلى جسدك

ابدأ بممارسات بسيطة تعيد وعيك إلى الجسد – حركة، تنفس، تعميق الإحساس بالجسد. هناك سبب لانتشار تمارين اليوجا في العالم، إذ نشعر جميعا بأهمية التواصل الواعي مع الجسد لتحرير العقل من قيوده - وليس بالعكس.

  • ابدأ تجربتك مع تصميمك الخاص

الأمر ليس متعلقًا بالإيمان، فنظام هيومان ديزاين ميكانيكي صرف، يمكن تجريبه واختباره. احصل على خريطة تصميمك الشخصي، وابدأ بتجريب استراتيجيتك وسلطتك الداخلية. واسمح للحياة أن تأتي إليك.

  • دعك من التخطيط للاختفاء

لا تحتاج لهروب درامي كي تتخلص من تلك الحياة التي بنيتها. وإنما تحتاج إلى الاعتماد على سلطة اتخاذ القرار الخاصة بك للبدء برسم حدود حقيقية بينك وبين حياة الذات المزيفة والعلاقات التي بنيتها، والعثور على حقيقتك مع كل قرار تتخذه من داخلك.

أنت لست وحدك

لقد مررتُ بكل هذا. درست، عملت، غيرت، حاولت، فشلت، عدت من جديد. لكني وجدت نفسي تدريجياً من خلال تطبيق استراتيجيتي وسلطتي الداخلية كبروجتر مفكر، ووجدت ذبذبتي الخاصة. عبر حياتي الحقيقية، التي كانت مختفية خلف ذبذبة "الذات المزيفة" التي كنت أعيشها.

والآن، أساعد الآخرين للعودة إلى أنفسهم. إذا كان هذا الكلام يلمس شيئاً في داخلك – إذا كنت تشعر بمرارة الشباب الضائع أو شوق "الوصول" الذي يبثه فيك المجتمع من حولك، أو تشعر أنك أضعت تلك السنوات – تواصل معي. لنمشِ هذا الطريق معًا.

 
 

Living Your Design بالعربي

Previous
Previous

لقاء الخميس الشهري لإبريل/نيسان 2025

Next
Next

بين ضغطين: الماضي والمستقبل