أساسيات التمايز (1)

عندما حضرت موعد اللقاء مع مرام (قمت بتغيير الاسم حفاظا على خصوصية الشخص) لم يكن عندي شك أني سأساعدها في التعرف إلى نقاط قوتها من خلال تعريفها على مختلف جوانب تصميمها. لقد اختبرت النجاح في شرح خرائط العديد من الأشخاص، وكنت قادرة على الإجابة عن العديد من الأسئلة، والاستيضاحات، وربط عناصر التصميم مع جوانب الحياة المختلفة لهم.

لقد حادثتني مرام قبل بضعة أيام طالبة قراءة بناء على توصية من صديقة مشتركة. وكالعادة، حضرت المادة التي سأغطيها في الموعد، وفي اليوم المحدد قابلت مرام، وكنت في ذلك الوقت أقدم جلسات وجاهية في عمّان. باشرت باستعراض المعلومات الأساسية عن النوع، والاستراتيجية، والسلطة الداخلية، وبدأت بالحديث عن التعريف، وهنا بدأ كل شيء ينهار.

بدأت مرام تتململ في مقعدها، وأخذت تعارض كل نقطة تحدثت عنها. احتد صوتها في المناقشة العبثية، وأخيرا "فرغ صبرها" وأنهت الموعد قبل مرور 30 دقيقة! لقد اعتبرت أنها أضاعت وقتها في ما لا يفيد، وبخاصة أنها "عالجت كل تلك الأمور" التي تحدثتُ عنها.

كانت تلك واحدة من أسوء الجلسات التي قدمتها منذ بدأت عملي! أخذت بالتفكير في الخطأ الذي ارتكبته. هل كانت المعلومات؟ هل كان الأسلوب؟ هل كانت المشكلة في انتقاء الكلمات؟

في وقت لاحق علمت من خلال الصديقة المشتركة أن المشكلة بالنسبة لمرام كانت أني " لا أتمتع بأية كاريزما على الإطلاق!"

ما هي الهالة؟

الهالة هي المجال الكهربائي المغناطيسي الذي يبثه الجسم. وتستطيع اعتبارها "فقاعة" من الطاقة التي تحيط بالجسم من جميع الاتجاهات، وتصدر عن العمليات الحيوية الكيميائية الجارية في الجسم المادي.

وفي نظام هيومان ديزاين، تحمل الهالة خصائص وقوى التعريف (العناصر الملونة) التي نراها في خريطة الطاقة. فلكل هالة استراتيجية تضمن التخلص من المقاومة في الحياة. ولهذا فهي ذات أهمية خاصة، وليست مجرد مفهوم روحاني تجريدي، وإنما مفهوم قابل للتجربة والاختبار، وستحصل على النتيجة ذاتها دائما.

بمعرفة تنوع الهالات ستفهم لماذا يحتفي المجتمع بنوع معين من الطاقات، مثلا الأشخاص المليئين بالطاقة والحيوية، في حين يرفض أو ينتقد نوع آخر، مثل أولئك الذين يصعب الاقتراب منهم.

يوجد أربعة أنواع من الهالات، لكل منها خصائص يمكن التعرف عليها، وتمييزها في ذاتك وملاحظتها في الآخرين.

أربعة أنواع من الهالات

يوجد أربعة أنواع من الهالات، لكل منها خصائص يمكن التعرف عليها، وتمييزها في ذاتك وملاحظتها في الآخرين. بمعرفة تنوع الهالات ستفهم لماذا يحتفي المجتمع بنوع معين من الطاقات، مثلا الأشخاص المليئين بالطاقة والحيوية، في حين يرفض أو ينتقد نوع آخر، مثل أولئك الذين يصعب الاقتراب منهم.

    1. هالة المانفستر (المبادر)

تتسم هذه الهالة بأنها كثيفة، ومغلقة، وصادّة. تقاوم من يقترب منها، وتنكمش، وتبث ذبذبة لسان حالها يقول "ابتعد عن طريقي". وهذه الهالة قوية المبادرة والتنفيذ، وتدشين الآخرين في وُجهات جديدة.

يعاني هذا النوع من انتقاد الآخرين الذين يريدونه منفتحا ومرحبا، كما يريدونه مطواعا وسهل القياد. ولهذا يتحول المانفستر إلى ما يشبه قطة مستأنسة، ويحول وجهة طاقته إلى الداخل، ما يجلب عليه أضرار صحية مع الوقت.

  1. هالة الجنريتر (البناء) والمانفستنج جنريتر(البناء النشيط)

تتسم هذه الهالة بأنها كالإسفنجة: فهي مسامية ومفتوحة ومستقبلة. كما أنها هالة مطوقة، تحيط طاقتها بكل ما يقترب منها. عندما يقابل هذا النوع الآخرين، تطوقهم هالته، ولأن طبيعتها مستجيبة، يبدو الشخص مُرحّبا وودودا.

ويبدو الجنريتر أكثر انفتاحا من المانفستنج جنريتر. والأخير يظهر أنه أكثر جاذبية بسبب اتصال مولدات الطاقة عنده بمركز الحنجرة - أي لديه القوة على التنفيذ المباشر. وهذا يجعله أكثر عرضة للتعرض لتحكم الآخرين الذين يريدون الاستفادة من طاقته والحصول عليها.

  1. البروجكتر (الموجه أو المُرشد)

هي هالة مفتوحة وهشة وسهلة التأثر بمن حولها. تكمن قوة هذه الهالة في تركيزها الدقيق على شخص واحد في المرة الواحدة. يُساء فهم تركيزها باعتباره اهتماما شخصيا أو رومانسيا! ولأنها مفتوحة يعتقد الآخرين أن صاحبها سهل القياد، ولهذا يكون عليه وضع المزيد من الحدود مع الآخرين!

هالة البروجتر متنوعة التعريف. وغالبا ما يكون البروجكتر نفسه أكثر الأشخاص حرصا على إعطاء انطباع بالنشاط والاجتهاد، والتنافس مع أنواع الطاقة (المانفستر والجنريتر والمانفستنج جنريتر).

  1. الرفلكتر (المُقيم)

تتسم هذه الهالة بأنها مغلقة، وعاكسة، ومتذوقة لما يقترب منها. هي ليست مطوقة، وليست مفعمة بالحيوية والطاقة، ومن الممكن اعتبارها صادة ولهذا لا تعتبر هالة جذابة. قوة هذه الهالة في قدرتها على تقييم الجو العام لمحيط الشخص. غاية هذه الهالة هي التعرف إلى المحيط، وليس الأشخاص. لهذا يعتقد الآخرون أنه لا يهتم كفاية! ويقابل بالنقد باعتباره كسولا وغير مباليا - كما يحاول أصدقائه نصحه كي يصبح "أكثر نشاطا".

نعيش في مجتمعات تحتفي بصفات محددة، نجد أغلبها في نوع المانفستر (المبادر) والمانفستنج جنريتر (البناء النشط) - وبخاصة المنطلقين منهم (عكس الانطوائيين).

يعتقد الكثيرون أن إشعاع هذه الطاقة أمر في متناول الجميع - إن حاولوا كفاية أن يتغيروا. بل وتسوق الكثير من البرامج مثل هذه الأفكار: تحول إلى متحدث مليء بالكاريزما في أربعة أسابيع!

ولكن مهما حاول هؤلاء التظاهر، واكتساب الصفات التي يعتقدون أنها مرغوبة، ومهما نجحوا ارتدائها كقناع يلبسونه عند مقابلة الآخرين، فسوف يظهر الزيف، ويصابون بالإرهاق نتيجة تمثيل دور، عوضا عن عيش حياة. فمن المستحيل بث ما ليس فيهم.

إذ لا يستطيع أحد تزييف هالته أو ذبذبتها.

ومعرفة نوع الهالة هو المفتاح الأول لتفعيل القوة الحقيقية للفرد. كما أن فهمها على المستوى الشخصي وأيضا على مستوى الآخرين تمكنه من تجنب الأحكام المسبقة على ذاته و/أو على غيره. أصبحت الآن تعرف أن الهالات متمايزة.

إذن خلال هذا الأسبوع، حاول الانتباه إلى تفاعل هالتك مع الآخرين، والعكس، كيف تؤثر هالات الآخرين على انطباعك عنهم.

وفي الوقت ذاته، لنفسح المجال ليقدر كل منا ذاته حسب طبيعته، دون ركض وراء سراب تطوير الذات المناقض للطبيعة الأساسية والمتمايزة للشخص، والسماح للخصائص الفطرية عنده بالتطور إلى أقصى إمكانياتها الكامنة.

لا نستطيع أن نكون ما يريده الآخرون

كما لا نستطيع تزييف ذبذبتنا، فهالتنا تفصح عن من نكون

أدركت خطأها، ولكن

أخيرا، تذكرون مرام؟ لقد تواصلت مع الصديقة المشتركة وطلبت منها سؤالي عن إمكانية أخذ جلسة أخرى معي. وحسب تلك الصديقة "لقد أدركت خطأ حكمها ومدى حاجتها إلى المساعدة!"

سلطتي الداخلية لم ترتح لهذا الطلب، ولكني رشحت آخرين تستطيع التواصل معهم للحصول على جلسة معهم.

هل ترغب في مشاركة تجربتك؟ إذن اكتبوا تجربتكم في التعليقات!

Previous
Previous

العقد القمرية من 19 تموز إلى 4 كانون الأول 2024

Next
Next

فن الوعي: تحويل الطيار الآلي المُقلّد إلى كيان أصيل